شادي صلاح الدين (لندن)

قدم نائب رئيس وزراء تركيا وزير المالية السابق، علي باباجان، أمس، استقالته من الحزب الحاكم (العدالة والتنمية)، الذي يعد أحد مؤسسيه، وذلك بعد 18 عاماً على عضويته بالحزب. وجاء هذا التطور، بعد أيام قليلة من إعلان «باباجان»، نيته تأسيس حزب جديد في الخريف، بمساعدة الرئيس السابق عبد الله جول.
وكان باباجان واحداً من الذين قاموا بتأسيس حزب العدالة والتنمية، في 14 أغسطس 2001، ومنذ ذلك الحين وحتى استقالته، تقلد العديد من المناصب داخل الحزب، وفي عدد من الحكومات التي تعاقبت على السلطة، إذا سبق له أن حمل حقيبتي الخارجية والاقتصاد، فضلاً عن توليه منصب نائب رئيس الوزراء، المسؤول عن الشؤون الاقتصادية.
وقال باباجان، في بيان الاستقالة، إنه يجري الاستعدادات لتأسيس حزب جديد، مضيفاً: «لقد كان لزاماً علينا أن نقوم بجهود جديدة (في إشارة لتأسيس حزب جديد)، من أجل حاضر تركيا ومستقبلها، ولقد بات هذه الأمر ضرورة ملحة، واضطلعت أنا وعدد كثير من أصدقائي بهذه المسؤولية الكبيرة والتاريخية».
واستطرد قائلاً: «لا شك أن عملنا هذا يجب أن يتم بشكل مستقل وحر، ويتعين علينا أن نبدأ ذلك على صفحة بيضاء في كافة الأمور».
من جانبها، أجمعت مواقع إخبارية دولية، على أن الاستقالة المتوقعة لوزير الاقتصاد التركي السابق، علي باباجان، من حزب العدالة والتنمية الحاكم، تسببت في هزة سياسية جديدة تضرب تركيا، وتلقي مزيداً من الشكوك حول مستقبل ذلك الحزب، الذي حكم البلاد خلال العقدين الماضيين، وسط تزايد الاتهامات بالفشل الاقتصادي، واتباع سياسات قمعية تسببت في ابتعاد الناخبين عن الحزب، وتفضيلهم حزب الشعب الجمهوري المعارض.
وذكر موقع «ميدل إيست آي» البريطاني، أن باباجان، الذي يرجع الكثيرون الفضل له في تحقيق تركيا للطفرة الاقتصادية في الألفية الجديدة، استقال بعد أن أكد أن الحزب لم يعد يشاركه قيمه.
وكانت الشائعات تتداول، منذ فترة طويلة، حول استقالة باباجان المحتملة، لا سيما منذ الانتخابات المحلية في 31 مارس، التي تلقت فيها حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هزائم في المدن الكبرى، بما فيها أنقرة وأنطاليا وإسطنبول.
وشجعت المخاوف من الركود وتراجع الليرة التركية، المنشقين عن حزب العدالة والتنمية مثل باباجان، الذي اشتهر بتوجيهه تركيا من خلال الإصلاحات المدعومة من صندوق النقد الدولي في الألفية الجديدة، إلى التحدث علناً بعد عدة أزمات اقتصادية في البلاد.
وقالت مصادر قريبة من الحزب، لموقع «ميدل إيست آي»: إن باباجان كان يمضي قدماً مع الرئيس التركي السابق عبد الله جول، لتشكيل «جبهة سياسية جديدة». وبدلاً من إنشاء حزب جديد تحت قيادته، سيدعم جول باباجان كمرشحٍ له في الانتخابات الرئاسية المقبلة. كما يعمل وزير العدل السابق سعد الله إرجين، وبعض مسؤولي حزب العدالة والتنمية الساخطين مع باباجان.
وأضاف: كما قيل إن باباجان حاول جذب رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو، الذي أصدر بياناً شديد اللهجة بشأن سياسات الحكومة في مايو. ومع ذلك، قال أفراد مطلعون على المفاوضات إن جول لم يكن يريد ضم داود أوغلو للمجموعة الجديدة.
وقال مصدر للموقع: «كان باباجان يجتمع بمجموعات مختلفة من السياسيين في مختلف الأطياف السياسية، بما في ذلك رجال الأعمال والمستثمرين الأجانب. لقد كان يعد نفسه لفترة من الوقت، إنه ضد القيادة الواحدة في الحزب. لذلك فهو يريد إنشاء حزب قائم على القيادة الجماعية». وتعتقد مصادر أخرى أن باباجان سيؤسس حزبه السياسي الجديد، في وقت لاحق من هذا العام في الخريف.
وقالت عدة مصادر: إن أردوغان وباباجان التقيا في وقت سابق من هذا العام، حيث أوضح باباجان للرئيس أنه غير راضٍ عن السياسات الحالية للحكومة، بما في ذلك الخطوات الاقتصادية الأخيرة. وقال المصدر: إن أردوغان أبلغ باباجان «يمكنك البقاء معنا وتصحيحها إذا كنت تريد ذلك». لكن باباجان رفض، وقال إنه سيستقيل من الحزب، ويريد إبلاغ الرئيس أولاً.
ومن جانبه، ذكر موقع «سويس إنفو» الإخباري السويسري، أن استقالة نائب رئيس الوزراء التركي السابق علي باباجان، ستضيف نظرة قاتمة على الوضع في البلاد، مضيفةً أن باباجان سيبدأ حركة سياسية منفصلة، لتلبية حاجة تركيا إلى سياسات واستراتيجية جديدة.
وتراجعت العملة التركية إلى 5.7337 ليرة مقابل الدولار، كما انخفض مؤشر البورصة إسطنبول 100 بنسبة 1%.